تشهد العلاقات المصرية السعودية خلال هذه الفترة، سيناريو غريب من نوعه وتحديدًا خلال الـ 48 ساعة الماضية، بعد قرار شركة النفط السعودية «أرامكو» بالتوقف عن إمدادها مصر بالمواد البترولية المتفق عليها.

ووصلت العلاقة بين البلدين إلى مفترق طرق، نظرًا لاختلاف بعض المواقف السياسية ووجهات النظر، والذي بدا واضحًا بعد تصويت مصر لصالح مشروع القرار الروسي في مجلس الأمن الدولي بشأن الأزمة السورية إلى جانب الصين وفنزويلا، وأثار موقف مصر هذا في مجلس الأمن انتقادات السعودية وقطر، حيث وصف المندوب السعودي لدى الأمم المتحدة، عبد الله المُعلمي، تصويت مندوب مصر لصالح مشروع القرار الروسي بـ«المؤلم».

وقال «المعلمي» بعد التصويت «كان مؤلمًا أن يكون الموقف السنغالي والماليزي أقرب إلى الموقف التوافقي العربي من موقف المندوب العربي المصري، ولكن أعتقد أن السؤال يُوجه إلى مندوب مصر».

ولم يكشف المتحدث الرسمي لوزارة البترول المصرية، عن أي تفاصيل حول أسباب تعليق «أرامكو» للإمدادات أو المدة المتوقعة لذلك، مؤكدًا أن مصر ستنظم عددًا من المناقصات لشراء ما يسد احتياجات السوق المحلي من الوقود، مضيفًا أن الهيئة المصرية العامة للبترول، ستعمل على تدبير أكثر من 500 مليون دولار مع البنك المركزي لشراء هذه الإمدادات.

وكانت شركة «أرامكو» السعودية أوقفت شحنة البترول الخاصة بمصر لشهر أكتوبر، برغم وجود تعاقد على توريد 700 ألف طن شهريًا والتي بدأت في مايو الماضي دون إبداء أسباب، لكن المتحدث باسم وزارة البترول، أكد أن الإيقاف سيكون لمدة شهر واحد ومن المرجح أن يكون لأسباب فنية وليست سياسية.

الجدير بالذكر أن «أرامكو» وقعت أمس مذكرة تفاهم مع عدد من الشركات التركية الرائدة في مجالات توليد الطاقة الكهربائية وبناء المطارات وإدارتها والأعمال الإنشائية في قطاع البترول وإنشاء الطرق.

وقال المتحدث باسم هيئة ميناء الإسكندرية، رضا الغندور، إنه تم أمس، تفريغ حمولة الباخرة «ميرسك ادريتك» القادمة من الجزائر، والتي تحمل 30 ألف طن سولار، بعد إنهاء الإجراءات القانونية والتأكد من مطابقة الشحنة للمواصفات تمهيدًا لضخها وتعبئتها وإرسالها للمحافظات الأخرى.

وعلى إثر ذلك، شهدت الساحة الإعلامية المصرية والسعودية عدد من التصريحات من الإعلاميين بين مؤيد ومعارض ومهاجم وموافق لقرار «أرامكو»، حيث علق الكاتب السعودي، تركي الشلهوب، في تغريدة عبر حسابه بموقع التدوين «تويتر»: «إيقاف إمداد مصر بالنفط، حين كنا نقول لا تدعموا السيسي نحن أولى بأموالنا، كانوا يقولون وش عرفكم بالسياسة، اليوم نكررها نحن أولى بأموالنا».
ولكن الكاتب السعودي، علي سعد الموسى، كان له موقفًا مدافعًا عن مصر في أزمتها السياسية، حيث حذر من خسارة المملكة لمصر.

وقال «الموسي» في مقاله الذي جاء تحت عنوان «كي لا نخسر مصر» المنشور على موقع صحيفة «الوطن» السعودية اليوم، «قد أتفهم وأعطى العذر لردة الفعل الشعبية المحلية تجاه التصويت المصري مع مشروع القرار الروسي حول سورية في مجلس الأمن، ولكنني في المقابل لن أقبل انجراف قادة الرأي وأصوات التأثير والنفوذ، لمجرد أن المندوب المصري رفع إصبعه في موقف لا يقدم ولا يؤخر مع أو ضد قرار محكوم بالفيتو المعلن.

هذا هو رأيي كي لا نخسر دولة شقيقة وكبرى مثل مصر، لأنها مرت بامتحان موقف على طاولة مجلس الأمن، وهي ذات الطاولة التي تنازلنا عن الجلوس عليها قبل أكثر من عامين لأسباب كثيرة تهم ترتيب مصالحنا السياسية، ومن ضمنها أن نتجنب ورطة التصويت في مجلس أممي بات من النادر جدًا أن يبحث مشاريع قرارات لا تخص جوارنا ومن حولنا وعالمنا في هذا الشرق الأوسط.

بينما طالب الإعلامي خالد صلاح بإلغاء العمرة المتكررة لتوفر 6 مليار دولار لمصر، كرد فعل على موقف السعودية المفاجئ، حيث قال في تغريدة عبر حسابه بموقع «تويتر»، «مليارات العمرة على هوى مصر، لو مش عاوز مصر تركع ساعدها بالأفكار، إلغاء العمرة المتكررة يوفر ٦ مليار دولار، وتوجيه الدعم لمستحقيه فقط».

كما علق الإعلامي أحمد موسى،على وقف الإمدادات السعودية من البترول لشهر أكتوبر بهاشتاج «مصر لن تركع».
وقال «موسى» خلال برنامجه «على مسئوليتي»، «محدش مداين مصر، مصر اللي ليها عند كل الناس ومحدش يلوي دراعنا، بس إحنا فاكرين اللي وقف معانا في وقت الشدائد، إحنا عندنا أصل مش ناكرين الجميل ولكن على من يحب مصر لا يضغط عليها ويعلم أننا لا نركع».

يذكر أن السفير السعودي بالقاهرة «أحمد عبد العزيز القطان»، قد غادر صباح اليوم بشكل مفاجئ، متوجها إلى الرياض، وقد ترددت أنباء عن أن مغادرة السفير السعودي، جاءت بشكل طارئ بهدف التشاور حول الأزمة الراهنة بين السعودية ومصر بناء على استدعاء رسمي من القصر الملكي السعودي.