كلنا نخطئ هذه حقيقة لا مفر منها. كم مرة قلت كلمة جارحة دون قصد؟ أو تصرفت بطريقة جرحت بها شخصاً عزيزاً؟ في لحظة صفاء، ندرك أن كلمة واحدة بسيطة قد تصلح ما أفسدناه: "آسف". لكنها للأسف أصبحت كلمة ثقيلة على الألسنة، وكأننا نرفع جبلاً عندما ننطق بها!
السؤال الذي يطرح نفسه: لماذا نخجل من الاعتذار؟
البعض يرى أن الاعتذار تقليل من قيمته أو كرامته، وكأن قول "آسف" يعني اعترافًا بالضعف أو الهزيمة. والبعض الآخر يخشى أن يفتح باب اللوم أو يضع نفسه في موقف المتهم. وهناك من تعود على التبرير بدلاً من الاعتراف، فيبحث عن ألف عذر بدلاً من قول كلمة واحدة قد تنهي الخلاف.
لكن الحقيقة أن الاعتذار ليس ضعفًا أبدًا، بل هو دليل على القوة الداخلية والنضج. الشخص الذي يعتذر يثبت أنه قادر على مواجهة نفسه قبل مواجهة الآخرين، وأنه يقدّر العلاقة أكثر من كبريائه. الاعتذار هو شجاعة تضع المشاعر الإنسانية فوق الغرور الشخصي.
غياب ثقافة الاعتذار يجعل العلاقات أكثر هشاشة. كم من صداقة انتهت بسبب كلمة جارحة لم يتبعها اعتذار، وكم من بيت تهدم لأن أحدهم ظن أن "آسف" ستنقص من شأنه! وفي المقابل، كم من قلوب تصافت، وأبواب فُتحت من جديد، لأن شخصًا امتلك الشجاعة وقالها بصدق.
علينا أن نربي أنفسنا وأبناءنا على أن الاعتذار ليس عيبًا، بل هو سلوك راقٍ يرفع من قدر صاحبه. وأن الكلمة الصادقة قد تمحو شعورًا بالظلم، وتعيد الثقة، وتداوي الجروح.
في النهاية، تذكّر أن كلمة "آسف" مجانية، لكنها تساوي الكثير. وقد تمنع خسارة إنسان لن تعوضه الأيام. فلا تجعل الكبرياء يمنعك من قولها، فربما تكون مفتاحًا لإعادة ما ظننته قد ضاع للأبد.