صبت كافة التوقعات والإحتمالات، بعد اندلاع الأزمة الخليجية وقرارات الدول الأربع، حول ضرورة مقاطعة قطر، وسحب سفراءهم منها، أن قطر ستواجه عواقب لا مثيل لها، وأنها ستتأثر من كافة الجوانب، سياسيا وإقتصاديا، تلك التنبوءات التي ربما يكون قد تحقق جزءا منها.

لا شك أن تلك الأزمة الأخيرة أثرت على قطر بشكل ملحوظ، خاصة فيما يتعلق بالنواحي الإقتصادية، وهو ما بات واضحا من خلال البيانات التي أعلنت عنها مختلف البنوك الدولية، عن إنخفاض قيمة العملة القطرية، وما تواجهه من أزمات في البورصة، لكن ما يعد غريبا وملفتا، هي الصورة التي دائما تظهر بها قطر وممثلي السلطة لديها، حيث تبدو قوية متماسكة، لا تخش أي عواقب، أو إحتمالية سحب عضوية مجلس التعاون الخليجي عنها.

تحالفات قديمة:
أشتهر عن قطر أنها متحالفة مع جماعة الإخوان المسلمين، وهو ما بات واضحا بعد تمكنهم من الوصول لحكم مصر مصر، حيث دائما ما كانت تقدم لهم الدعم للوقوف أمام ممثلي المعارضة في مصر حينذاك، وظل دعمها للإخوان بارزا بعد 30 يونيو، حيث أبدت إعتراضا شديدا على تحول الدفة وتغير نظام الحكم في مصر، وحاولت الدفاع لعودة الإخوان مجددا.

قطر تتبرأ:
قررت قطر أن تتبرأ من تحالفاتها القديمة، مع جماعة الإخوان المسلمين بعد اندلاع أزمتها مع دول الخليج، وربما يبدو للوهلة الأولى من معرفة هذا القرار، أنها أعلنت عن ذلك لكي تبرأ نفسها من كافة الإتهامات التي وجهت ضدها، خاصة تلك التي تتعلق بدعم الإرهاب والجماعات المسلحة، لكن ما بات غريبا، هو أنها وفي الوقت الذي قررت الاستغناء عن الإخوان بدأت بالفعل في تعزيز علاقات، وتحالفات أخرى، والأهم هو أن هذه التحالفات قد تبدو أقوى مما ذي قبل.

تحالفات جديدة:
أتخذت طهران خطوات جديدة، فتبرأها من الإخوان كان لخوض مرحلة جديدة أهم وأبرز، وهي بدء تحالفات جديدة، لكن هذه المرة مع إيران وحزب الله، وربما سنحتاج سيدي القاريء أن نتوقف للحظات لتحليل هذه المبادرات، فقطر بدأت تحالفات مع من يمثلون المذهب الشيعي، وكلاهما تعتبرهما القوى العظمى، يشكلان خطورة على العالم وسيسببان زعزعة للاستقرار.

قطر تغامر:
بدا رغبة قطر في الاستعانة، بكلا من "إيران وحزب الله" وكأنها مغامرة فقد تعدت القضية من مجرد محاولة لإثبات نفسها سياسيا وتحسين صورتها، في المنطقة، إلى الدخول في الاستعانة بمن يمثلون الشيعة، للوقوف بصدد أهم الدول التي تمثل المذهب السني، في العالم الإسلامي.

تدخل روسي:
لا شك أن دعم طهران لقطر، ووقوفها معها يشكل خطورة للعديد من الدول في المنطقة، ومن أبرزهم المملكة السعودية، التي تعتبر طهران من أبرز وأهم أعداءها في المنطقة، لكننا اليوم سيدي القاريء بصدد خطوات خطوات جديدة، فيعد المؤتمر الصحفي الذي عقد اليوم، بين وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف ونظيره القطري عبد الرحمن أل ثاني، خطوة تستحق التفكير في أسبابها وربما في أبعادها.

لافروف وأمير قطر:
ما يعد أمرا هاما هو أن لافروف، لم يكتف بعقد مؤتمرا يجمع بينه وبين نظيره القطري، بل حرص على عقد لقاء يجمع بينه وبين أمير قطر، الأمير تميم بن حمد، والأهم من ذلك هو طبيعة الموضوعات التي حرص على مناقشتها معه، حيث أهتم أن يدرس معه طبيعة الأوضاع في سوريا، وحرص على أخذ رأيه ومعرفة موقفه مما يحدث في ليبيا واليمن، وهو ما يطرح العديد من التساؤلات وعلامات الاستفهام.

روسيا تشيد بقطر:
نحن بصدد نقطة هامة، قطر التي يفترض أنها تعاني من عداءات من قبل العديد من الدول العربية، ومقاطعات دبلوماسية، تواجه الأن إشادة من قبل روسيا، وتوجه لها شكر وتقدير، لدعمها لها، ولكونها أتفقت معها فيما يتعلق بتخفيف مناطق التصعيد في دمشق.

ختامًا:
قررت مختلف دول الخليج، مقاطعة قطر، لكنها الأن تدعم نفسها وتحصن موقفها بتحالفات أخرى مختلفة، ولابد من الإعتراف بأنها ليست بالضعيفة، ترى هل من الممكن أن تقوى شوكة قطر بروسيا وطهران، خلال الأيام المقبلة، وفي حال حدوث ذلك كيف سيكون موقف الدول التي قاطعتها، هل ستتراجع عن موقفها أم سيزيد صمودها.