وزير الأوقاف لـ«المواطن» : لأول مرة أصبح للنساء دور بارز في المجال الدعوي .. الأزهري: «عودة الكتاتيب» ستُقام بإدخال وسائل تعليمية عصرية .. الأزهري:زيارتي لحلايب وشلاتين رسالة تقدير واعتزاز(حوار)

وزير الأوقاف : قسم الخريجون أمام الرئيس تأكيدًا على رسالة الدعاة في الحفاظ على مواريث النبوة
وزير الأوقاف : منهج الوزارة نشر الوعي الديني الوسطي المستند إلى العقل والنقل معًا ومجابهة الأفكار المتشددة
وزير الأوقاف : الاهتمام بمساجد آل بيت رسول الله ﷺ ليس مجرد عملية تطوير عمراني بل يعزز الهوية الدينية
وزير الأوقاف: زيارتي لحلايب وشلاتين مصحوبة بقافلة دعوية خيرية ضخمة تقديرا واعتزازا بأبناء مصر
وزير الأوقاف: زيارتي لحلايب وشلاتين تهدف لجمع شمل الناس والربط على قلوبهم
وزير الأوقاف: "صكوك الإطعام" مبادرة رائدة تهدف إلى دعم الفئات الأكثر احتياجًا
وزير الأوقاف : تنظيم لقاءات دورية داخل المساجد الكبرى تجمع بين العلماء والمفكرين
وزير الأوقاف : رؤية طموحة تهدف إلى جعل المسجد محورًا للحياة الروحية والعلمية والاجتماعية
وزير الأوقاف: قوافل دعوية للواعظات تُسيَّر بمختلف محافظات الجمهورية لنشر الوعي الرشيد
وزير الأوقاف : المسجد ليس مجرد مكان للصلاة بل هو مدرسة لنشر الفكر الوسطي
وزير الأوقاف : التعامل مع خطب الجمعة ضمن رؤية تطويرية شاملة للخطاب الديني وفق منهج علمي مؤصّل
وزير الأوقاف: إدارة التفتيش وإدارة الشئون القانونية والتحقيقات من أعمدة الوزارة
وزير الأوقاف: تغيير منهجي لخطبة الجمعة يهدف للحفاظ على وحدة المنهج
وزير الأوقاف: نعمل لجعل المجلس الأعلى للشئون الإسلامية منارة فكرية هامة في العالم الإسلامي
وزير الأوقاف: استحدثنا رسائل أسبوعية نكتبها بلغة عصرية تكون أقرب إلى الشباب
وزير الأوقاف: مبادرة "عودة الكتاتيب" تعد أحد أعمدة المشروع التربوي والدعوي الوطني
وزير الأوقاف: تُخطط وزارة الأوقاف إلى مزيد من التوسع النوعي والكمّي في الكتاتيب مع إدخال وسائل تعليمية عصرية
وزير الأوقاف: بناء الطفل المصري معرفيًا وأخلاقيًا وسلوكيًا هو الهدف الأسمى لمبادرة الكتاتيب
وزير الأوقاف: نعتزم إطلاق منصة رقمية جامعة تقدم الفهم الصحيح للدين لعموم العالمين
أجرى الحوار : أحمد حمدي
قال الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، في حوار خاص لـــــــ«بوابة المواطن الإخبارية»، أن المسجد ليس مجرد مكان للصلاة فحسب، بل هو مدرسة لنشر الفكر الوسطي، وتعزيز الوعي الديني الصحيح، وتصحيح المفاهيم المغلوطة، مشيرا إلى أن الوزارة تتبنى عدة برامج تشمل تطوير الخطاب الديني بوجه عام و إعداد الأئمة وتأهيلهم من خلال برامج علمية متخصصة تجمع بين العلوم الشرعية والمهارات التواصلية الحديثة وذلك بهدف ضمان تقديم خطب ودروس تجمع بين الأصالة والمعاصرة.وأشار وزير الأوقاف، إلى أنه لأول مرة في مصر أصبح للنساء دور بارز في المجال الدعوي داخل المساجد فلدينا الآن شيخات المقارئ يقمنّ حلقات للقراءة والتجويد تحضرها النساء، كما تتولى واعظات الأوقاف تقديم دروس العلم المتنوعة إضافة إلى تخصيص مفتية للنساء داخل المساجد للإجابة عن التساؤلات الشرعية الخاصة بهن، مؤكدا أن هناك قوافل اسبوعية تنطلق لمختلف المحافظات المصرية بهدف نشر الفهم الصحيح للدين بعيدًا عن أي توجهات فكرية منحرفة تتعلق بالعنصرالنسائي خاصة .... وإليكم نص الحوار كاملا؛
• بدابة نبدأ حوارنا من أهم الإنجازات على الساحة الدينية في ما أرى - ألا وهو تخريج الدفعة الثانية من الأئمة الواعدين من وزارة الأوقاف المصرية بالتعاون مع الأكاديمية المصرية العسكرية .. لأول مرة التاريخ نرى قسم الأئمة أمام رئيس الجمهورية .. ما دلالة ذلك من وجهة نظركم؟
أولًا: جاء تأهيل هذه الدفعة الجديدة من الأئمة وتدريبها بالتنسيق مع مؤسسات الدولة المعنية، وعلى رأسها الأكاديمية العسكرية المصرية، في إطار تنفيذ وزارة الأوقاف لتوجيهات فخامة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، يحفظه الله، بهدف تعزيز قدرات الأئمة على مختلف المستويات العلمية والفكرية والنفسية والبدنية، بما يسهم في الارتقاء بالخطاب الديني، ومواجهة الفكر المتطرف، فضلاً عن ترسيخ الوعي والمعرفة والإدراك لمختلف القضايا الفكرية والتحديات الراهنة.وقد أدى الخريجون قسم الولاء، أمام فخامة الرئيس لتأكيد أن رسالة الدعاة هي الحفاظ على مواريث النبوة والدعوة إلى الله على بصيرة، كما جاءت لإعلان الوطنية الخالصة للوطن الغالي، ولترسيخ مكانة أرض مصر في النفوس، إضافة إلى احترام القانون، وهذه هي رسالة الأوقاف وأبنائها الذين هم أبناء الأزهر الشريف.
• البعض انتقد هذا الأمر متسائلاً: ما علاقة الائمة والدعاة الى الله بالتدريبات بأكاديمية عسكرية طوال شهور سابقة على تخرجهم .. فما رأيكم؟
أحد الأهداف الرئيسة التي أضعها في مقدمة الأولويات هو ترسيخ منهجية الفهم الصحيح للدين، عبر نشر الوعي الديني الوسطي المستند إلى العقل والنقل معًا، ومواجهة الأفكار المتشددة التي تحاول أن تختطف الخطاب الديني أو تسيء إلى الإسلام بسوء فهمها وتأويلاتها الخاطئة. ولتحقيق ذلك، نعمل على تطوير برامج إعداد وتأهيل الأئمة والدعاة، وتوسيع نطاق الدورات التدريبية التي تركز على علوم الشريعة، إضافة إلى علوم الاجتماع والنفس والسياسة والاقتصاد، والمفاهيم المرتبطة بالأمن القومي، والتضليل الإعلامي، ليكون الداعية ملمًّا بكل جوانب الواقع ومتغيراته.
وزارة الأوقاف حريصة كل الحرص على تقديم مثل هذه الدورات لصقل معلومات السادة الأئمة وخبراتهم، كما أن هذا النوع من التدريب يسهم في تزويد الدعاة بالعلوم المجتمعية والقومية الضرورية لإعداد إمام عصري بفكر وسطي مستنير، فأصبح الإلمام بهذه العلوم ضروريًّا في الدعوة إلى بجانب العلوم الشرعية.
للنهوض بالأئمة والخطباء رؤية شاملة تهدف إلى الارتقاء بمستوى الوعي الديني والفكري، وإحداث نقلة نوعية في طريقة تناول القضايا الشرعية والفكرية داخل المنابر، ويعتمد هذا المشروع على عدة محاور أساسية تسهم في بناء جيل جديد من الدعاة يمتلك أدوات الفهم العميق للنصوص الشرعية، ويمزج بين المعرفة الدينية الرصينة والوعي بمتغيرات العصر، ليكونوا قادرين على تقديم خطاب ديني يجمع بين الأصالة والتجديد، ويراعي احتياجات الواقع ومتطلباته.
ويرتكز المشروع على تأهيل الأئمة والخطباء علميًا ومنهجيًا، من خلال توفير برامج تدريبية متكاملة تشتمل على دراسة علوم القرآن والتفسير، والحديث الشريف، وأصول الفقه، والعقيدة، إلى جانب علوم اللغة العربية التي تعد أداة أساسية لفهم النصوص الشرعية بدقة، ولا يقتصر التأهيل على العلوم الشرعية فقط، بل يشمل أيضًا دراسة الفلسفة والتاريخ والفكر الإنساني، بما يمكن الداعية من إدراك أبعاد القضايا الفكرية المعاصرة والتعامل معها برؤية واعية، بعيدًا عن الجمود أو الانغلاق.
ولأن الله علمنا في القرآن أن نبحث دومًا عن الأرقى والأزكى، فقد وجدنا مجموع ما نريد من متطلبات التأهيل الفكري والنفسي والعلمي والبدني والتوعوي في الأكاديمية العسكرية المصرية، بتوجيه من فخامة السيد رئيس الجمهورية؛ وقد حققنا المراد من ذلك بفضل الله – والشكر موصول دائمًا وأبدًا لفخامة السيد رئيس الجمهورية على ذلك، ولكل من عاوننا عونًا صادقًا مخلصًا في الأكاديمية العسكرية المصرية.
• فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي تحدث خلال تخرج الدفعة الثانية لأئمة الأوقاف عن فكرة ربط فيها بين دور المساجد والمدارس .. هل تفاعلت الوزارة مع هذا المقترح من خلال دراسة ذلك؟ وما مخرجات هذه الدراسة؟
المسجد ليس مجرد مكان للصلاة فحسب، بل هو مدرسة لنشر الفكر الوسطي، وتعزيز الوعي الديني الصحيح، وتصحيح المفاهيم المغلوطة. ومن هذا المنطلق، تتبنى الوزارة عدة برامج تشمل تطوير الخطاب الديني، حيث يتم العمل على إعداد الأئمة وتأهيلهم من خلال برامج علمية متخصصة، تجمع بين العلوم الشرعية والمهارات التواصلية الحديثة، لضمان تقديم خطب ودروس تجمع بين الأصالة والمعاصرة. ويتم تنظيم لقاءات دورية داخل المساجد الكبرى، تجمع بين العلماء والمفكرين، وتتناول القضايا التي تهم المجتمع، لتعزيز التفاعل بين العلماء والجمهور، والتوسع في مجالس إقراء القرآن الكريم، وحلقات التحفيظ، لضمان تخريج أجيال متقنة لكتاب الله، بفهم صحيح لمعانيه وأحكامه.
وإيمانًا بدور المسجد كمركز متكامل لخدمة المجتمع، تسعى الوزارة إلى تفعيل أنشطة متنوعة، تشمل برامج رعاية الأطفال والشباب، حيث يتم تقديم أنشطة تثقيفية وتعليمية تستهدف الأطفال والنشء، لتعزيز الوعي الديني لديهم، وتنمية مهاراتهم الحياتية، كما يتم تخصيص دروس وبرامج توعوية للنساء، بمشاركة الواعظات، للتوعية بأحكام الدين الصحيحة في قضايا الأسرة والتربية.
إن هذه الجهود تأتي ضمن رؤية طموحة تهدف إلى جعل المسجد محورًا للحياة الروحية والعلمية والاجتماعية، وفق منهجية تحقق التكامل بين البناء المادي والرسالة المعنوية، حتى يعود المسجد إلى سابق عهده، منارة إشعاع ديني وحضاري، تسهم في بناء الإنسان والمجتمع على أسس سليمة.
وتلزم الإشارة في هذا المقام إلى أن تعدد أنشطة المسجد قائم منذ صدر الإسلام في مسجد سيدنا النبي عليه أفضل الصلاة والسلام، غير أن تطور الدنيا ونشوء مؤسسات متخصصة في كل جانب من جوانب الحياة فرض نمطًا من التطور المحمود في هذا الجانب. ومع ذلك، فرعاية "مجتمع المسجد" مهم. ولهذا وجّه فخامة السيد الرئيس بمحاكاة نموذج "مسجد مصر" تحت مسمى المسجد الجامع في كل محافظة، وجاءت باكورة التنفيذ بمسجد العلي العظيم الذي يضم مصلى للرجال وآخر للنساء، وعيادات طبية، وقاعات مناسبات، وحضانة أطفال، وأنشطة تثقيفية ووعظية، وغير ذلك – فالغاية الأسمى هي تقديم الصورة الصحيحة لدور المسجد ليكون وحدة منتجة للأثر المنشود منها.
• "فتح المساجد" قضية تحدث عنها رئيس الجمهورية في الفترة الماضية .. كيف ترى حضرتك دور المسجد في التربية والتوجيه والتثقيف ونشر الوعي؟
تطوير المساجد يأتي على رأس أولويات وزارة الأوقاف، باعتبارها من أصول رسالة الوزارة في نشر رسالة الإسلام السمحة، وتعزيز القيم الروحية والمجتمعية، كي ما تصبح بيئة جاذبة ومهيأة لأداء الشعائر في أجواء تليق بقدسية المسجد ومكانته. وقد أولت وزارة الأوقاف اهتمامًا كبيرًا بمشروع إعمار بيوت الله عز وجل، وحرصت على التوسع المستمر -والمنضبط في آن واحد- في بناء المساجد الجديدة، وتجديد القائم منها، وتحديث بنيتها التحتية، بما يحقق راحة المصلين ويعزز دور المسجد كمركز إشعاع ديني وثقافي. وأستطيع أن أؤكد أن إجمالي عدد المساجد التي تم افتتاحها منذ يوليو 2024م حتى الآن بلغ 1339 مسجدًا، من بينها 910 مساجد تم إحلالها وتجديدها بالكامل، وفق أحدث المواصفات الفنية والهندسية، و429 مسجدًا خضع لأعمال الصيانة والتطوير والتحديث، لضمان الحفاظ عليها وإبقائها في أفضل حال، أما على مدى العشر سنوات الماضية، فقد تمكنت وزارة الأوقاف من تحقيق إنجاز غير مسبوق، حيث وصل إجمالي عدد المساجد التي تم إحلالها وتجديدها وصيانتها وفرشها منذ يوليو 2014م إلى 13,420 مسجدًا، بإجمالي تكلفة بلغت نحو 22 مليارًا و752 مليون جنيه، وهذا يعكس مدى الجهد المبذول لتحديث بيوت الله، وتجهيزها بأفضل صورة تليق برسالتها الدينية والمجتمعية.
• "التفتيش" أو "الضبطية" .. دور جديد أُطلق في الفترة الأخيرة - ما هي جوانب تطبيقه أو الأمور التي بسببها يتم تفعيل هذا الأمر بقوة؟ ومن المكلف بتطبيقه؟
هذا الدور ليس بجديد... فإدارة التفتيش وإدارة الشئون القانونية والتحقيقات من أعمدة الوزارة. غير أننا اعتمدنا أسلوب التدريب الحديث بالتعاون مع النيابة العامة لصقل مهارات المفتشين وقدراتهم، فهم المكلفون بتنفيذ أعمال التفتيش للتحقق من قيام كل أبناء الوزارة بدورهم. والوزارة مجتمع بشري، فهي كأي مجتمع فيه نسبة تستلزم التقويم؛ ووسيلتنا في ذلك المفتش المؤهل، والمحقق المجيد، وكل ذلك تحت مظلة القانون.
• انتشرت جهود واعظات وزارة الأوقاف في الفترة السابقة بكثافة، ولا يمكن لأحد أن يتجاهل هذا الجهد العظيم - فما الهدف من تدشين هذه الفكرة (التي ولدت ناجحة) وخرجت بهذا التميز؟
بالفعل توسعنا في الاستعانة بالواعظات لضمان تقديم خطاب ديني أزهري منضبط. ولأول مرة في مصر أصبح للنساء دور بارز في المجال الدعوي داخل المساجد، فتقيم شيخات المقارئ حلقات للقراءة والتجويد تحضرها النساء، كما تتولى واعظات الأوقاف تقديم دروس العلم المتنوعة، إضافة إلى تخصيص مفتية للنساء داخل المساجد للإجابة عن التساؤلات الشرعية الخاصة بهن، وذلك تحت إشراف وزارة الأوقاف لضمان نشر الفهم الصحيح للدين بعيدًا عن أي توجهات فكرية منحرفة.
وفي إطار الحرص على تهيئة الأجواء الإيمانية خلال شهر رمضان، أطلقت الوزارة العديد من البرامج الدعوية الخاصة بالنساء، مثل درس السيدات الذي يعقد في المساجد الكبرى لتقديم دروس علمية مكثفة، وملتقى الواعظات الذي يجمع نخبة من الواعظات المؤهلات للحديث في القضايا المجتمعية المعاصرة، فضلًا عن سلسلة من الندوات التي تؤديها واعظات الأوقاف في مختلف المحافظات، لتعزيز الوعي الديني الصحيح لدى النساء والفتيات. وللواعظات قوافل تُسيَّر بصفة أسبوعية في مختلف محافظات الجمهورية لنشر الوعي الرشيد.
كما تعمل الوزارة على تأهيل المزيد من الواعظات من خلال برامج تدريبية متخصصة تشمل الفقه، والتفسير، وعلوم الحديث، وأصول الدعوة، بما يضمن إعداد كوادر دعوية مؤهلة علميًّا وفكريًّا، وتسعى الأوقاف أيضًا إلى توسيع نطاق عمل الواعظات ليشمل الندوات الثقافية، والملتقيات الفكرية، والمدارس والجامعات، بهدف نشر قيم التسامح والاعتدال، ومواجهة الفكر المتطرف بمفاهيم دينية صحيحة تتناسب مع متطلبات العصر.
ومن السمات المميزة للواعظات أن كثيرات منهن يحملن تخصصات مهمة، كالطب، والهندسة، وعلم الاجتماع، وعلم النفس، والآثار، وبعضهن من أعضاء هيئات التدريس بالجامعات، وهكذا. فهن إضافة حقيقية لجهود الوزارة بعد استيفاء متطلبات التدريب والتأهيل التي تصل إلى أربع سنوات. وأنا حريص على الاجتماع بهن من حين لآخر.
• المتابع لموضوعات خطب الجمعة الأسبوعية يجد تنوعًا في المضمون واختيارًا دقيقًا لعناوين الخطب بما يتماشي مع الواقع المعاش .. ماتأثير ذلك في التغيير الفكري للمتلقي على المدى القريب والبعيد معا؟
يأتي التعامل مع خطب الجمعة ضمن رؤية تطويرية شاملة للخطاب الديني، فأعلنت وزارة الأوقاف عن تطبيق تغيير مرحلي في خطبة الجمعة، كخطوة تمهيدية على مسار ممتد للتطوير والاقتراب من الواقع وملامسته وفق نهج علمي مؤصل. يأتي هذا التطوير بالتنسيق الكامل مع المركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية ومختلف مؤسسات الدولة لرصد الواقع المصري ومعالجة التحديات التي تواجه المجتمع.
ويسعى هذا التحديث إلى تحقيق التوازن بين الحفاظ على وحدة الخطبة الأولى من جهة بما يحقق التعاطي مع القضايا ذات البُعد الوطني الشامل – كقضايا الترشيد، ومظاهر الإدمان الإلكتروني وما إلى ذلك، إلى جانب معالجة القضايا القيمية المتفاوتة بين المحافظات من جهة أخرى، وقد استندت الوزارة في هذا التوجه إلى دراسة معمقة كشفت عن اختلاف الاحتياجات الدعوية بين المحافظات، إذ تبين أن بعض المناطق تحتاج إلى التركيز على قضايا مثل الهجرة غير الشرعية، بينما تحتاج مناطق أخرى إلى التوعية بحق المرأة في الميراث، فضلاً عن مناطق أخرى تتطلب معالجة تحديات تتعلق بمهن محددة كالصيد وغيره.
وبناءً على هذه الدراسات، تقرر أن تظل الخطبة الأولى موحدة في جميع المساجد لمخاطبة هم قومي عام، فيما تكون الخطبة الثانية متغيرة بحسب احتياجات كل محافظة. وقد بدأ تطبيق هذا النموذج الجديد اعتبارًا من الجمعة ٣ من يناير ٢٠٢٥، فجاءت الخطبة الأولى بعنوان "فما ظنكم برب العالمين (صناعة الأمل)"، بهدف تعزيز التفاؤل وحسن الظن بالله بين المصلين، أما الخطبة الثانية، فقد تم تخصيص موضوعاتها وفقًا لطبيعة التحديات في كل محافظة، فالنموذج الأول يهدف إلى معالجة مشكلات الصيادين والتكيف مع الضغوط الاقتصادية واحترام فترات منع الصيد في محافظات دمياط، والإسكندرية، والسويس، وبورسعيد، ومرسى مطروح، وجنوب سيناء، وشمال سيناء، والإسماعيلية. فيما جاء النموذج الثاني للخطبة للتوعية بمخاطر الهجرة غير الشرعية، واختصصنا به محافظات البحيرة، والقليوبية، والمنوفية، وأسيوط، والمنيا، والفيوم، والشرقية، وكفر الشيخ، والدقهلية، والغربية، والأقصر، أما النموذج الثالث للخطبة فاستهدف قضية الميراث، وبخاصة حق المرأة، واختصصنا به محافظات القاهرة، وقنا، وسوهاج، وأسوان، والجيزة، وبني سويف، والبحر الأحمر، والوادي الجديد.
ويأتي هذا التوجه في إطار حرص وزارة الأوقاف على تطوير الخطاب الديني بما يتجاوب مع قضايا المجتمع، مع الحفاظ على وحدة المنهج والمقاصد الشرعية، مع تنفيذ هذا التطوير بالتعاون مع المراكز البحثية لضمان أن تظل خطب الجمعة أداة تنويرية وإصلاحية تلبي احتياجات المجتمع المصري في مختلف الظروف وتخاطب احتياجاته الفعلية.
• نود أن نظهر الدور الأبرز للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية وكيف يسهم في نشر رسالة الوزارة داخليا وخارجيا .. ومبادرة الوزارة الأخيرة التي خرجت بعنوان " صحح فهمك"؟
يمثل المجلس الأعلى للشئون الإسلامية أحد أهم المؤسسات الدينية والفكرية في مصر، ويعد منبرًا رئيسًا لنشر الفكر الإسلامي الوسطي المستنير، ليس فقط داخل مصر، وإنما في مختلف دول العالم، وخاصة في القارة الإفريقية التي لطالما كان للمجلس فيها حضور قوي وتأثير واضح منذ ستينيات القرن الماضي. وانطلاقًا من هذا الإرث المشرف، فإن خطتنا للنهوض بالمجلس ترتكز على رؤية متكاملة تستهدف استعادة دوره الفكري والعلمي والدعوي، وتعزيز تأثيره الإقليمي والدولي، عبر مجموعة من المحاور التي تجمع بين التطوير المؤسسي، وتجديد المحتوى العلمي والفكري، والتوسع في النشاط الخارجي، والاستفادة من وسائل الإعلام والتكنولوجيا الحديثة في نشر رسالته.
يأتي في مقدمة هذه المحاور العمل على تطوير الهيكل المؤسسي للمجلس، من خلال تحديث لوائحه وآلياته بما يتناسب مع طبيعة التحديات المعاصرة، وتعزيز كفاءته في أداء رسالته الفكرية والعلمية، كما يتم العمل على توسيع نطاق التعاون مع الهيئات الدينية والمؤسسات البحثية والمراكز الفكرية داخل مصر وخارجها، بهدف تبادل الخبرات وتعزيز الجهود المشتركة في خدمة القضايا الدينية والفكرية، وترسيخ مفاهيم الإسلام الوسطي القائم على التوازن والاعتدال.
أما على المستوى العلمي، فيتم التركيز على تطوير الإصدارات العلمية والفكرية التي يقدمها المجلس، بحيث تتناول القضايا المعاصرة برؤية تجديدية تعكس الفهم الصحيح للدين في ضوء مستجدات العصر، ويتم العمل على إصدار مؤلفات علمية محكمة تتناول موضوعات التجديد الفقهي، وتصحيح المفاهيم المغلوطة، والتصدي للأفكار المتطرفة، فضلًا عن تعزيز حضور المجلس في الأوساط البحثية الدولية من خلال ترجمة هذه الإصدارات إلى مختلف اللغات، وإتاحتها إلكترونيًا عبر المنصات الرقمية، لضمان وصولها إلى أوسع شريحة ممكنة من الباحثين والمفكرين في مختلف دول العالم.
وفي إطار إعادة تفعيل الدور الفكري والدعوي للمجلس، يتم العمل على تنظيم مؤتمرات وندوات وملتقيات فكرية تجمع نخبة من العلماء والمفكرين من مختلف الدول، لبحث القضايا التي تهم العالم الإسلامي، وتقديم حلول فكرية مستنيرة للتحديات الراهنة، كما يتم الحرص على تعزيز التواصل مع المؤسسات الدينية الكبرى في الدول الإسلامية، وتوسيع نطاق الشراكات مع المراكز الثقافية والبحثية العالمية، بما يسهم في ترسيخ دور المجلس كمرجعية فكرية رائدة على المستوى الدولي.
وتحتل القارة الأفريقية مكانة خاصة في خطتنا للنهوض بالمجلس، حيث نسعى إلى استعادة دوره الرائد في دعم المؤسسات الدينية والتعليمية في مختلف الدول الأفريقية، وتوفير برامج تأهيلية للأئمة والدعاة هناك، بما يساعدهم على أداء دورهم في نشر تعاليم الإسلام السمحة، والتصدي للأفكار المتشددة التي تسعى بعض الجماعات إلى ترويجها، كما يتم العمل على إرسال قوافل دعوية وعلمية إلى الدول الأفريقية، وتقديم منح دراسية للطلاب الأفارقة للدراسة في المؤسسات العلمية المصرية، بالإضافة إلى توفير المطبوعات والإصدارات العلمية باللغة الفرنسية والسواحيلية والإنجليزية وغيرها من اللغات التي يتحدث بها أبناء القارة، لضمان وصول رسالة المجلس إلى أكبر عدد ممكن من المستفيدين.
وفي ظل التحولات الرقمية التي يشهدها العالم، فإننا نحرص على تسخير وسائل الإعلام الحديثة والتكنولوجيا الرقمية لخدمة أهداف المجلس، من خلال تطوير موقعه الإلكتروني، وإطلاق منصات تفاعلية على وسائل التواصل الاجتماعي، وبث محاضرات وندوات علمية عبر الإنترنت، وإنتاج محتوى مرئي ومسموع يخاطب مختلف الفئات العمرية والثقافية، بما يسهم في إيصال رسالة المجلس إلى جمهور أوسع، وتعزيز تأثيره في المجال الفكري والدعوي.
إن استعادة المجلس الأعلى للشئون الإسلامية لدوره الريادي لا يقتصر على تطوير بنيته المؤسسية وبرامجه العلمية والفكرية، بل يشمل أيضًا استنهاض دوره في بناء الوعي، والتفاعل مع القضايا الفكرية والدينية التي تواجه المجتمعات الإسلامية، وتقديم رؤية مستنيرة قائمة على العلم والفهم العميق لروح الشريعة، ومن خلال هذه الجهود المتكاملة، نعمل على أن يكون المجلس أحد أهم المنارات الفكرية في العالم الإسلامي، وأن يواصل أداء رسالته في نشر الفكر الوسطي، وترسيخ ثقافة الحوار والتسامح، وتعزيز التعاون بين الشعوب الإسلامية، بما يخدم قضايا الأمة ويسهم في نهضتها الفكرية والحضارية.
• نتابع تدشين الوزارة لمجالس علمية منها على سبيل المثال لا الحصر "مجلس قراءة كتاب البخاري" بمسجد سيدنا الإمام الحسين رضي الله عنه .. الوزارة تؤمن بأهمية العلم .. فكيف تحثون الشباب على حضور ومتابعة هذه المجالس والاستفادة منها؟
من المهم للغاية أن يعي الشباب أن العلم ليس قراءة صفحة في كتاب أو حتى مجموعة كتب، أو الأخذ بقشور وترديدها دون فهم حقيقي؛ فالعلم له شروطه ومعاييره ومناهجه التي إن غاب بعضها غاب جميع تأثيرها. لذا نقدم هذا النموذج الذي يجمع بين الشيخ والطالب والمنهج والكتاب، ليعلم الشباب كيفية أخذ العلم على أصوله. ونحرص على نشر ذلك عن طريق البث المجاني المباشر لتلك المجالس، إلى جانب عرضها عرضًا خبريًا، والإعلان عنها قبل انعقادها لتيسير الحضور إليها، فضلاً عن اختيار الأماكن المناسبة لها.
• مصر بلد الأزهر .. جهود مشتركة بين الأوقاف والأزهر نراها من وقت لآخر؛ أطلعنا على أحدث هذه الجهود؟
تم إطلاق قوافل دعوية موسعة، بالتعاون مع الأزهر الشريف، تجوب المحافظات أسبوعيًّا، فيشارك في كل قافلة خمسة وعاظ من الأزهر وخمسة أئمة من الأوقاف، لتقديم خطب ودروس دعوية تغطي موضوعات تمس واقع الناس وتجيب عن تساؤلاتهم الملحة، كما تم تخصيص قوافل دعوية خاصة بالواعظات، شملت عشرة مساجد أسبوعيًّا، إلى جانب دروس دعوية أسبوعية في 1,660 مسجدًا، لمناقشة قضايا الأسرة والتربية والقيم الأخلاقية من منظور إسلامي أصيل.
• قضايا الشباب ملحة ومهمة على الساحة المصرية .. كيف فتحتم قنوات تواصل جادة مع الشباب للانغماس معه في مشكلاته ومحاولة الإصلاح على المستويين الأخلاقي والديني.. دور الوزارة بالتحديد في ظل توجيهات فضيلتكم؟
دور الوزارة ممتد ويخضع للتطوير من حيث الأداء في المساجد كما سلف بيانه، وحسن إعداد الأئمة، والتعاون مع الأزهر الشريف ودار الإفتاء في تنظيم القوافل والدروس إلى محافظات مصر، فضلاً عن مشاركة أبناء الوزارة من الأئمة والواعظات في النشر المتلفز والإذاعي وعبر وسائل الإعلام الجديدة كمواقع التواصل الاجتماعي. كما استحدثنا رسائل أسبوعية نكتبها بلغة أقرب إلى الشباب وقد حظيت بتفاعل كبير ومشاركات كثيرة.
• "تعليم القران الكريم" ليست بالمهمة السهلة على الداعية .. فكيف تُعدون معلم قرآن متخصص وملم بكل تفاصيل التربية والحفظ والإتقان؟
تحقيقًا لرؤية وزارة الأوقاف في العناية بكتاب الله تعالى، وحرصًا على تنشئة جيلٍ جديدٍ يحمل القرآن في صدره، ويُجسِّد قيمه في سلوكه، جاءت مبادرة "عودة الكتاتيب" لتكون أحد أعمدة المشروع التربوي والدعوي الوطني، الذي يهدف إلى استعادة دور الكتّاب كمؤسسة تعليمية وتربوية أصيلة في المجتمع المصري. وقد لاقت هذه المبادرة ترحيبًا شعبيًّا واسعًا، وأثبتت من خلال انطلاقتها من قرية كفر الشيخ شحاتة بمركز تلا في محافظة المنوفية، أن المجتمع ما زال يتعطش لمنابع النور، ويحنّ إلى جلسات الذكر التي تشكّل وعي الطفل وتكوِّن وجدانه وتضبط حركته في الحياة.
ولن يتأتى هذا إلا بحسن تدريب القائمين على شئون القرآن في كل أنشطة الوزارة، سواء ضمن هذه المبادرة أو في أي إطار آخر. لذا لا تتوقف التدريبات في أكاديمية الأوقاف الدولية ولا في شتى مواقع التدريب المتوفرة في مختلف أنحاء الجمهورية.
لقد تجاوزت الكتاتيب في ثوبها الجديد مجرد كونها حلقات لتحفيظ القرآن الكريم، بل تحوّلت إلى مؤسسات تربوية متكاملة، تهدف إلى بناء الطفل المصري معرفيًا وأخلاقيًا وسلوكيًا. ومن خلال الإشراف العلمي والدعوي الذي تقدمه الوزارة، يتم تقديم تفسير ميسر للآيات، يفتح آفاق الفهم الصحيح للدين، ويغرس في نفوس الأطفال قيم الرحمة والعدل، ويربيهم على الاعتزاز بالهوية الدينية والوطنية، ويحصنهم من الفكر المتطرف والانحراف السلوكي.
وقد تم وضع رؤية شاملة لتطوير هذه الكتاتيب، بحيث تتحول إلى منصات لبناء الشخصية المتوازنة، ومن ذلك ترسيخ مفاهيم كرامة الإنسان، استنادًا إلى قوله تعالى: "ولقد كرمنا بني آدم"، وزرع الانتماء للوطن، استلهامًا من روح الشريعة التي تدعو إلى عمارة الأرض، والتأكيد على تكامل الدين والعمل، وغرس روح المسؤولية تجاه البيئة والمجتمع من منطلق قوله تعالى: "الحمد لله رب العالمين"، بما تحمله من معانٍ في رعاية الأكوان وتقدير النعم.
وتُولي الوزارة اهتمامًا بالغًا بالبعد الاجتماعي والإنساني في هذه المبادرة، حيث تم التنسيق مع مؤسسات المجتمع المدني مثل مؤسسة مصر الخير وبنك الطعام، ووزارات الصحة والتموين، لتوفير الدعم الغذائي والصحي للدارسين، بما يعكس توجهًا تكامليًا يرمي إلى بناء الإنسان من كافة الجوانب، ويؤكد أن الكتاتيب ليست فقط مشروعًا دينيًا بل مشروعًا حضاريًا شاملًا.
ومن أبرز المشاهد المضيئة في تجربة الكتاتيب الجديدة، أن المجلس يختم دومًا بالدعاء لمصر وأهلها، ما يعمّق في وجدان الأطفال مفهوم أن حب الوطن جزء لا يتجزأ من العقيدة، وأن الدعاء لمصر بالخير والنماء إنما هو عبادة تترجم في الواقع إلى سلوك محبٍّ ومصلحٍ ومعمّرٍ للأرض.
أما في المرحلة القادمة، فتخطط وزارة الأوقاف إلى مزيد من التوسع النوعي والكمّي في الكتاتيب، مع إدخال وسائل تعليمية عصرية تفاعلية، تشمل الوسائط المرئية والبرامج الذكية والألعاب التعليمية الهادفة، بهدف ترسيخ المعلومة القرآنية وتيسير حفظها وفهمها في نفوس النشء، إلى جانب تنظيم مسابقات ثقافية ورياضية وفنية داخل هذه الكتاتيب، تربط بين القرآن وبين جوانب الحياة المختلفة، وتصنع من الطفل مشروع إنسان متكامل.
وتعتزم الوزارة كذلك تطوير البرنامج الصيفي للأطفال ليشمل أنشطة أسرية، تفتح أبواب التواصل بين البيت والمسجد، وتجعل من الأسرة شريكة فاعلة في عملية التنشئة الإيمانية السليمة، بما يسهم في بناء أجيال جديدة قوية الإيمان، متينة الأخلاق، متزنة العقل، قادرة على حمل رسالة الدين والوطن في آنٍ واحد.
وبذلك تصبح مبادرة "عودة الكتاتيب" ترجمة عملية لرؤية وزارة الأوقاف في خدمة القرآن الكريم، لا بوصفه نصًا للحفظ فقط، بل منهلًا للتربية، ومنطلقًا للنهضة، وجسرًا متينًا لبناء جيل واعد يحمل مشاعل النور ويصنع الحضارة.
• اهتمام وزارة الأوقاف بالقرآن الكريم لها مظاهر متعددة – حدثنا عنها؟
تحدثنا عن ذلك في إطار الوزارة، ويضاف لما سبق أننا نقيم المسابقة العالمية الأهم والأبرز لحفظ القرآن الكريم وفهم معانيه، وفيها سبعة أفرع كاملة؛ ومن المقرر أن تزيد إلى ثمانية أفرع في النسخة المقبلة بإذن الله الكريم. كما تحرص الوزارة على رعاية مسابقات الصوت الندي، وحسن التلاوة، ورعاية مسابقات الوعي الديني مع مؤسسات أخرى في الدولة.
• أعلنتم من قبل عن تأسيس أكاديمية للتعلم أون لاين تحت إشراف وزارة الأوقاف المصرية ، وانفردنا بموقع وبوابة المواطن الإخبارية بنشر هذا الخبر .. نود أن تطلعونا على أحدث المستجدات في هذا الملف؟
خدمة التعليم والتدريب قائمة بصور متنوعة في الوزارة وبالتعاون بين الوزارة ومؤسسات أخرى؛ أما ما نعتزم إطلاقه قريبًا بإذن الله فهو منصة جامعة تقدم الفهم الصحيح للدين لعموم العالمين وبأكثر من لغة، فضلا عن اشتمالها على أدوات للذكاء الاصطناعي بعد تغذيته بمواد دينية منقحة. وستكون المنصة معينا عظيما لكل من يزورها وينهل منها.
• رأينا على صفحات وزارة الأوقاف الرسمية إحالة بعض المسئولين في مديريات الأوقاف للتحقيق - نفهم من هذا أن هناك رقابة قوية على أداء المساجد بشكل عام؟
الرقابة قائمة على الدوام، وجهود التفتيش والحوكمة والإصلاح الإداري لا تتوقف، والإحالة للتحقيق قد تكون عن مخالفة في مسجد أو في مديرية أو في أي مكان تابع للوزارة. الرسالة الأهم هي أنه لا تهاون في إنفاذ القانون وضبط دولاب العمل، وسنتخذ كل ما يلزم في هذا الصدد من محاسبة المخالف وإثابة المجيد.
• وزارة الأوقاف اهتمت بالطفل ودشنت له برامج إرشادية كل أسبوع - نود أن نتعرف على جهودكم في هذا الملف الذي يعد من أولويات الوزارة حاليا؟
الطفل محور اهتمام الدولة بالكامل، وأصبحت له برامج ومبادرات وسياسات وهيئات معنية بشأنه ومستقبله. ولم تنس الدولة أيضًا أبناءها من الأطفال ذوي الهمم... والوزارة جزء من الدولة، وتحرص على القيام برسالتها في هذا الجانب على خير وجه، بتخصيص أنشطة للطفل بصفة مستمرة، ومنها الملتقى الصيفي الذي بدأ في شهر مايو ويستمر حتى نهاية سبتمبر في أكثر من ٢٢ ألف مسجد بكل أنحاء الجمهوري. كما خصصنا في رمضان الماضي ملتقى كاملاً للأطفال في ما يقرب من ٢٥ ألف مسجد، ونشاطًا أسبوعيًا في إحدى حدائق القاهرة. ويضاف لما سبق رعاية المواهب في مجالات حسن الصوت، والحفظ، والإقراء، والتلاوة، والقراءات، والقراءة العامة، وغيرها من الأنشطة الموجهة بالأساس لإشغال أوقات الأطفال في ما يفيدهم وينفعهم، ويعزز روح الانتماء للوطن فيهم، ويرسخ في نفوسهم احترام خلق الله ومخلوقاته.
• "مساجد آل البيت": حدثنا عن جهود تطويرها والاهتمام بها؟
تحظى مساجد آل البيت بمكانة خاصة في وجدان المصريين، إذ تمثل رموزًا دينية وتاريخية عريقة تجسد عمق الارتباط الروحي والثقافي بآل بيت رسول الله ﷺ، فهذه المساجد مواطن خير لا ينضب، فلا يتجه إليها محتاج نفسيا إلا رضي، ولا طالب مأوى فكري إلا ارتاح، ولا طالب طعام أو إفطار إلا شبع. ومن هذا المنطلق، أولت الدولة المصرية اهتمامًا كبيرًا بتطوير هذه المساجد، في إطار رؤية شاملة للحفاظ على التراث الإسلامي وتعزيز دوره في الحياة الدينية والاجتماعية.
وقد انعكست هذه الجهود في عمليات الترميم الشاملة التي شهدتها مساجد آل البيت، ومنها مسجد السيدة نفيسة، حيث شملت الأعمال تطوير البنية التحتية، وتجديد المرافق، وتحسين سبل الراحة للمصلين والزوار، فضلًا عن إعادة تأهيل المقامات بما يليق بمكانتها الروحية، ويأتي هذا التطوير تنفيذًا لتوجيهات القيادة السياسية، التي أكدت أهمية الاعتناء بالمساجد التاريخية، باعتبارها جزءًا أصيلًا من الهوية الإسلامية لمصر.
كما يُعَدّ هذا الاهتمام جزءًا من استراتيجية الدولة لإحياء القاهرة التاريخية، حيث تسعى الحكومة إلى دمج الطابع الأثري لهذه المساجد ضمن مشروع متكامل يهدف إلى الحفاظ على التراث الإسلامي وتعظيم الاستفادة منه على المستويين الديني والسياحي، ومن خلال تطوير البنية التحتية وتحسين الخدمات المقدمة، أصبحت هذه المساجد مقصدًا رئيسًا للزائرين من داخل مصر وخارجها، بما يعزز السياحة الدينية ويدعم الاقتصاد الوطني.
إضافة إلى ذلك، فإن العناية بمساجد آل البيت لا تقتصر على الجانب المعماري فقط، بل تمتد لتشمل تفعيل دورها كمراكز إشعاع ديني وعلمي، حيث تُقام بها الدروس الدينية والفعاليات الثقافية والملتقيات الفكرية العامة وللواعظات وللطلاب الوافدين وللأطفال ولذوي الهمم، بهدف نشر الفكر الوسطي وتعزيز القيم الروحية والأخلاقية، وتُعد هذه الخطوة رسالة واضحة تعكس حرص الدولة على الحفاظ على الموروث الديني لمصر، وتجسد روح التسامح والتواصل الحضاري التي طالما اتسمت بها البلاد.
ومن هنا، فإن الاهتمام بمساجد آل البيت ليس مجرد عملية تطوير عمراني، بل هو تأكيد على قيمة التراث الإسلامي وضرورة الحفاظ عليه للأجيال القادمة، بما يعزز من الهوية الثقافية والدينية لمصر، ويكرّس دورها الرائد كحاضنة للفكر الإسلامي الوسطي... فنحن المصريين نفخر بحبنا المطلق وغير المشروط لسيدنا النبي صلى الله عليه وسلم ولساداتنا آل بيته الأطهار؛ فهو حب خالص غير محدود بزمن ولا مكان، ولا مرهون بغاية ولا مأرب، ولا مستتر بغرض.
• "اقتحام وزارة الأوقاف للسوشيال ميديا ضمن خطة التطوير الشاملة" .. الآن أصبحت صفحات رسمية للوزارة بمواقع التواصل وتليجرام وواتساب ويوتيوب بخلاف صفحات واعظين وواعظات الوازرة الرسمين .. كيف ترون أهمية دور السوشيال ميديا في التأثير العام وتغيير الفكر وتصحيحه؟
تحرص وزارة الأوقاف على النهوض بمستوى الأئمة والخطباء ليكونوا قادرين على مواكبة تحديات العصر والتعامل مع المستجدات الفكرية والاجتماعية، خصوصًا في ظل التطور التكنولوجي وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي التي أصبحت ميدانًا رئيسيًا للتأثير في الرأي العام وتشكيل الوعي، ومن هذا المنطلق، تعمل الوزارة على تطوير الخطاب الديني من خلال تأهيل الأئمة علميًّا وفكريًّا بما يضمن قدرتهم على تقديم خطاب يجمع بين الأصالة والمعاصرة، وينطلق من الثوابت الدينية الراسخة، لكنه في الوقت ذاته يعالج القضايا المستجدة بأسلوب عقلاني مستنير.
وفي سبيل تحقيق ذلك، تولي الوزارة اهتمامًا كبيرًا بتوفير برامج تدريبية متقدمة تشمل مختلف المجالات التي يحتاج إليها الإمام في أداء دوره التوعوي، حيث يتم إعداد دورات متخصصة في علوم الشريعة والفقه والتفسير، إلى جانب التدريب على مهارات الإقناع والحوار، بما يساعد الأئمة على مخاطبة الجمهور بأسلوب واضح ومؤثر، كما تهتم الوزارة بتنمية الثقافة العامة للأئمة من خلال إطلاعهم على المستجدات الفكرية والاجتماعية، وتمكينهم من التعامل مع قضايا العصر بفهم واعٍ ورؤية متزنة، فضلًا عن تنظيم ورش عمل متخصصة في تفنيد الشبهات والرد عليها بطرق علمية منهجية، وهو ما يسهم في تحصين الخطاب الديني ضد محاولات التشويه والتشكيك.
ونظرًا لأهمية وسائل التواصل الاجتماعي في العصر الحديث، فقد أصبح من الضروري تأهيل الأئمة والخطباء لاستخدام هذه المنصات بفاعلية، بحيث يكون لهم حضور مؤثر في الفضاء الإلكتروني، وذلك من خلال تدريبهم على مهارات إنتاج المحتوى الرقمي، وإدارة الحسابات الدعوية بأسلوب يحقق أقصى استفادة من هذه الوسائل، مع التركيز على تقديم خطاب ديني وسطي بعيد عن التشدد أو الجمود، وتحرص الوزارة على تمكين الأئمة من التعامل مع الشائعات والأخبار المضللة التي تنتشر عبر الإنترنت، بما يساعدهم في تقديم خطاب متزن يعتمد على الدليل والمنطق، ويواجه الفكر المتطرف بأسلوب علمي رصين.
وانطلاقًا من أهمية تطوير الخطاب الديني بما يتناسب مع متغيرات العصر، تعمل الوزارة على تحديث محتوى الخطب والدروس الدينية بشكل دوري، بحيث يتم تناول القضايا المعاصرة بأسلوب يجمع بين الأصالة والتجديد، مع التركيز على تعزيز القيم الأخلاقية والاجتماعية في الخطاب الديني، حتى يكون الدين قوة دافعة للإصلاح والتقدم، كما يتم الاهتمام بأساليب الإلقاء والتأثير، بحيث يكون الإمام قادرًا على تقديم خطبة أو درس ديني بأسلوب مشوق وجذاب، بعيدًا عن الرتابة والتكرار، وهو ما يساعد على تحقيق التأثير المطلوب في الجمهور.
ولضمان استدامة عملية تطوير الأئمة والخطباء، تحرص الوزارة على تعزيز الشراكة مع الجامعات والمراكز البحثية، بحيث يتم تقديم برامج تدريبية، إلى جانب التدريب على مهارات الإلقاء والإقناع، وهو ما يساهم في تمكين الأئمة من أداء رسالتهم الدعوية بكفاءة عالية.
• رأينا لأول مرة ذهاب وزير الأوقاف لحلايب وشلاتين – ما أبرز توصيات هذه الزيارة الرسمية؟
نقلت إلى أهالي حلايب وشلاتين تحيات فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، الذي وجَّه أن تكون الزيارة مصحوبة بقافلة دعوية خيرية ضخمة تقديرا واعتزازا بأبناء مصر الكرام. وكانت الرسالة إلى كل مصري: وطنك معك، وفي ظهرك، يرعاك ويقويك، ويتقوى بك، فنحن بفضل الله أسرة مصرية واحدة وإن تباعدت قراها، إلا أنها أسرة مصرية واحدة على قلب رجل واحد، فالوطن رحم جامع لكل أبنائه، وبفضل تماسكنا تظل راية وطننا عالية منصورة مرفوعة الرأس.
وأوصيت في الزيارة كل أبناء مديرية أوقاف البحر الأحمر بكل مدنها وقراها وجميع نواحيها والعاملين بها بصفة خاصة، أن ينطلقوا إلى جميع أبناء الوطن محملين بالعلم والهدى والنور، وجمع شمل الناس والربط على قلوبهم، ونشر حسن الخلق وبر الوطن، واحترام الكبير ورعاية الصغير وإكرام المرأة.
• الحصول على درجة الماجستير أو الدكتوراة .. هل برأيكم يفيد في رسالة الداعية .. هل هي إضافة حقيقة لدوره الدعوي أو أنها تعد درجة علمية إضافية للسيرة الذاتية للواعظ .. وهل تحثون أئمة الأزهر على الذهاب لجامعاتهم للحصول عليها أم أنها ليست ضرورية؟
كل تحصيل علمي يضيف إلى صاحبه شيئًا، فما بالنا بدرجة علمية كاملة! ونصيب كل إنسان من العلم مرهون بحسن التلقي وفق الأصول العلمية المتبعة وعلى نفسيته المستقبلة له، ثم على حسن الفقه والعمل. ونحن حريصون على تشجيع أبناء الوزارة على الترقي العلمي والعملي، ونوالي كل من يحصل منهم على درجة علمية بالتهنئة الشخصية. كما نعد قوائم بالمتميزين علميًا من أجل وضعهم في الأماكن اللائقة بهم علميًا ووظيفيًا.
• بعثات أئمة الأوقاف الخارجية تعد واجهة مشرقة ومشرفة للوزارة .. كيف تعدون داعية متميز منوط لهذا الدور .. نود التعرف على جهود الوزارة في هذا الملف سواء على مستوى الخطابة أو على مستوى القُراء؟
ابتعاث أبناء الوزارة أو إيفادهم إلى الخارج بصفة مؤقتة أو دائمة هو من صميم رسالة الوزارة ودورها، لذا نحرص كل الحرص على حسن إعدادهم بما يلزم من علوم ومهارات، وعلى حسن استغلال قدراتهم العلمية واللغوية عند اختيار أماكن الإيفاد، فضلا عن استمرار التواصل معهم لتحقيق المراد من كل هذا الجهد العظيم. وهذا جزء من القوة الناعمة النبيلة لهذا الوطن، ولدينا تصور للتوسع في هذا الجانب.
• نحن على مشارف استقبال عيد الأضحى المبارك كل عام ومعاليكم وأبناء الوزارة بخير .. نود أن نبين مسألة الصكوك الخاصة بالأضاحي وأهميتها في الوقت الحالي بالنسبة للمضحي؟
تحرص وزارة الأوقاف على تعزيز قيم التكافل الاجتماعي وترسيخ مبدأ المسئولية المجتمعية، ومن هذا المنطلق، تأتي مبادرة "صكوك الإطعام" كأحد المشروعات الرائدة التي تهدف إلى دعم الفئات الأكثر احتياجًا، من خلال توفير وجبات غذائية متكاملة تصل إلى مستحقيها بطريقة كريمة ومنظمة، بما يعكس روح التراحم التي يحملها شهر رمضان المبارك، ويمتد أثرها ليشمل عيد الفطر، في إطار رؤية شاملة لتوسيع نطاق العمل الخيري وتحقيق أكبر استفادة ممكنة للمحتاجين.
وقد حرصت الوزارة هذا العام على تطوير آليات المبادرة وتوسيع نطاقها الجغرافي، لتصل إلى أكبر عدد من المستحقين في مختلف المحافظات، حيث تم التنسيق مع مؤسسات الدولة والجمعيات الأهلية المعتمدة لضمان وصول المساعدات الغذائية إلى مستحقيها في جميع المناطق، خاصة القرى الأكثر احتياجًا والمناطق النائية، مع مراعاة تحقيق أقصى درجات الشفافية والعدالة في التوزيع.
وفي إطار تسهيل عملية التبرع، قامت الوزارة بتوفير دفاتر صكوك الإطعام في الساحات الكبرى والمساجد الرئيسية خلال عيد الفطر المبارك، بما يتيح للراغبين في المشاركة في هذا المشروع الإنساني القيام بذلك بسهولة ويسر، كما تم إتاحة إمكانية شراء الصكوك إلكترونيًا عبر الحسابات المصرفية المعتمدة والمنصات الرقمية التي خصصتها الوزارة لهذا الغرض، بما يتماشى مع توجه الدولة نحو التحول الرقمي وتسهيل الخدمات الخيرية.
ولدينا أيضًا صكوك الأضاحي من الأوقاف، ويميزها أن تذهب بأكملها إلى المستحقين، وأنها تتم بالتنسيق التام مع وزارة الصحة ووزارة الزراعة وكل المعنيين بجوانب الرقابة الغذائية والطب البيطري وما إلى ذلك، كي تكون الأضاحي مستوفية للشروط الشرعية والصحية والتنظيمية، ومؤدية لرسالة الدولة في رعاية مواطنيها وتحقيق التنمية المستدامة.
• قرار وزارة الأوقاف الرسمي بمنع صناديق التبرعات من المساجد - هل هو قرار عام أم هناك مساجد مستثناة من ذلك .. وهل يحظر على الداعية أن يشغل نفسه بهذه الأمور الفرعية .. وما هي الطرق المشروعة في هذا الملف؟
تحرص وزارة الأوقاف على تنظيم عملية جمع التبرعات في المساجد بما يضمن توجيه هذه الأموال في مصارفها الشرعية الصحيحة، ويمنع استغلالها بطرق غير قانونية أو توجيهها لجهات غير معتمدة. ولذلك، جاء قرار إلغاء صناديق التبرعات داخل المساجد وخارجها كخطوة جذرية لضبط هذا الملف ومنع أي تجاوزات، مع توفير بدائل إلكترونية حديثة تضمن الشفافية والمحاسبة الدقيقة.
وفي إطار التوجه نحو الحوكمة المالية وضبط موارد المساجد، وقّعت الوزارة بروتوكول تعاون مع بنك مصر وشركة فوري دهب، لميكنة عملية تحصيل التبرعات والزكاة عبر وسائل دفع إلكترونية حديثة، ويهدف هذا المشروع إلى ضمان وصول التبرعات إلى مستحقيها دون تدخل أي جهات غير معتمدة، وتحقيق الشفافية الكاملة في إدارة أموال المساجد من خلال تسجيل جميع المعاملات إلكترونيًّا، والحد من أي تجاوزات محتملة قد تنشأ نتيجة وضع الصناديق داخل المساجد أو خارجها.
وبناءً على ذلك، تم حظر وضع أي صناديق تبرعات داخل المساجد أو في محيطها، واتخذت الوزارة إجراءات صارمة لضمان تنفيذ هذا القرار على مستوى جميع المحافظات، ووجّهنا جميع مديري المديريات والإدارات والمفتشين باتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة ضد أي مخالفات تتعلق بوضع صناديق التبرعات، سواء داخل المساجد أو في محيطها، وتشمل هذه الإجراءات تشكيل لجان تفتيش دورية على مستوى الجمهورية لضمان الالتزام الكامل بتوجيهات الوزارة، ونؤكد أن قرار إلغاء صناديق التبرعات لا يعني إيقاف عملية التبرع، بل يهدف إلى توجيهها بالشكل الصحيح، حيث سيتمكن الراغبون في التبرع من ذلك عبر القنوات الإلكترونية الرسمية التي تضمن الإدارة العادلة لهذه الأموال وصرفها في أوجه الخير المقررة شرعًا.
إن هذا التحول نحو التحصيل الإلكتروني يأتي في إطار رؤية الدولة للتحول الرقمي، ويسهم في تعزيز الشفافية والمحاسبة في إدارة أموال الزكاة والصدقات، ونحن مستمرون في اتخاذ كل ما يلزم من قرارات وإجراءات للحفاظ على المال العام والتأكد من أن كل تبرع يذهب إلى مصارفه الصحيحة التي تحقق الخير للمجتمع.
وندعو جميع المواطنين إلى التعاون مع الوزارة في تنفيذ هذا القرار، وعدم الاستجابة لأي محاولات لجمع التبرعات بطرق غير رسمية، كما نؤكد أن الأوقاف ستظل الضامن الحقيقي لوصول هذه الأموال لمستحقيها، بما يخدم المجتمع ويحقق مقاصد الشريعة الإسلامية في التكافل والتراحم بين أفراده، وعمارة بيوت الله عز وجل.
• ما هي رسالتكم لمن يسعى للإفساد في الأرض عن طريق البلطجة والخطف والسرقة وما الى ذلك كيف نعالج هذا الأمر ونقضي عليه تماما؟
الرسالة هي أننا في دار ممر، والحساب فيها قائم والحساب بعد ميقون. وباب التوبة مفتوح بشروطها. أما القضاء المبرم على أي فعل سلبي فهو مما لا يُدرك في دنيا الناس. لكن العلاج ممكن بتضافر جهود التوعية التي تمتد من المسجد إلى الكنيسة ومن الإذاعة إلى التلفزة ومن مواقع التواصل إلى جهات إنفاذ القانون، ومن المدرسة إلى الأسرة – فالارتقاء بالمجتمع خلقا وعملا وتوجها وقيما يقتضي تضافر كل الجهود.
• الأوقاف والفئات الأكثر احتياجا نود التعرف على دوركم في هذا الملف بالتعاون مع الجمعيات الخيرية لاسيما في مواسم الخير السنوية؟
تحرص وزارة الأوقاف على تعزيز قيم التكافل الاجتماعي من خلال مجموعة من المبادرات التي تستهدف الفئات الأكثر احتياجًا، وعلى رأسها مشروع "صكوك الإطعام"، الذي شهد توسعًا كبيرًا هذا العام بالتعاون مع مؤسسات الدولة لضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها. وفي هذا الإطار، أطلقت الوزارة حملة ممتدة على أيام الشهر الفضيل لتوزيع ١٠٠ طن من اللحوم على الأسر الأولى بالرعاية في جميع محافظات الجمهورية، وذلك بالتنسيق مع وزارة التضامن الاجتماعي والمحافظات المعنية، وفقًا لقوائم المستفيدين المُعدة مسبقًا لضمان وصول الدعم إلى مستحقيه.
وتواكب ذلك أيضًا مع إطلاقنا مبادرة "شنط رمضان"، التي تتضمن توزيع ١٥٠ ألف شنطة غذائية، بإجمالي ٧٥٠ طنًّا من السلع الأساسية، لمساندة الأسر الأكثر احتياجًا وتخفيف الأعباء عنهم خلال الشهر الكريم، ويتم تنفيذ هذه المبادرة بالتنسيق بين وزارتي الأوقاف والتضامن الاجتماعي، وبالتعاون مع الجهات التنفيذية في المحافظات، لضمان التوزيع العادل وفق قاعدة بيانات دقيقة تحدد المستحقين. وتأتي هذه الجهود في إطار الدور المجتمعي للوزارة، الذي لا يقتصر على نشر الوعي الديني فقط، بل يمتد ليشمل خدمة المجتمع، وتعزيز روح التضامن والتراحم بين أفراده، إعمالاً للقيم الإسلامية الداعية إلى التكاتف ورعاية المحتاجين. ويدخل في عداد ذلك أيضًا التعاون القوي مع مؤسسات المجتمع المدني والوزارات الأخرى للمشاركة في حملة "إطعام صائم" التي تستهدف أكثر من ٦ ملايين صائم هذا العام.
كما أن كثيرًا من ممتلكات هيئة الأوقاف مؤجرة لعدد كبير من أبناء مصر من صغار المزارعين وغيرهم بقيم أقل بكثير من قيم السوق، فنحن حريصون على خدمة المجتمع بكل سبيل ممكنة.
• بصراحة وبكل وضوح .. ما جهود الوزارة في سد العجز في أعداد الأئمة وفي تقديم مقابل مناسب لجهودهم؟
إن الحديث عن سد العجز في الأئمة وعمال المساجد، لا ينفصل بحال عن رؤية شاملة تتبناها الدولة المصرية لبناء الإنسان، وتوفير بيئة دينية راقية تقوم على الخطاب الوسطي، والالتزام بالتنظيم، وتحقيق الكفاءة في أداء رسالة المسجد، وهي رؤية تشهد على وعي القيادة السياسية ووزارة الأوقاف بأهمية دور الإمام والعامل في خدمة الدين والوطن، وحرصها على توفير مناخ يليق بهذه الرسالة الجليلة.
وقد واجهت الوزارة هذا التحدي الكبير في ظل وجود نحو 160 ألف مسجد على مستوى الجمهورية، من خلال خطط متدرجة ومدروسة، لا تكتفي بتوفير الحد الأدنى من التغطية، بل تسعى لانتقاء الكفاءات التي تصلح لحمل الأمانة، عبر بوابة الوظائف الحكومية الموحدة، بما يضمن الشفافية والنزاهة وتكافؤ الفرص، ويمنح كل مستحق موقعه وفق معايير دقيقة تضع الصلاحية والكفاءة والخبرة في مقدمة الاعتبارات.
ولأن وزارة الأوقاف لا تفصل بين الجانب الإداري والجانب الإنساني، فقد حرصت على تحسين أوضاع العاملين بالأجر مقابل العمل، سواء من الأئمة أو العمال، وتطبيق الحد الأدنى للأجور على هؤلاء المتعاقدين، بما يعكس تفهمها لمعاناتهم، وإصرارها على رفع الظلم عنهم، فالبعد الإنساني أقوى من المعوقات القانونية، وهؤلاء العاملين أبناء الوزارة، ولن يُتركوا دون عناية أو تقدير.
وتُدرك الوزارة تمامًا أن المساجد لا تُدار بالإرادة فقط، بل تحتاج إلى موارد مالية وتخطيط إداري دقيق، ولذلك فإن عدد الدرجات المالية المتاحة في كل عام محدود، وهو ما يشكل تحديًا حقيقيًا أمام رغبة الوزارة في التوسع في التعيينات، لكن ذلك لم يمنعها من طرق جميع الأبواب والتواصل مع الجهات المختصة، من وزارة المالية، إلى التنظيم والإدارة، من أجل فتح مزيد من الدرجات الوظيفية في السنوات القادمة.
وفي هذا السياق، فإن المسابقات التي تُنظمها الوزارة ليست مجرد وسيلة لسد العجز، بل فرصة وطنية لتوفير فرص عمل حقيقية، تفتح الطريق أمام الشباب المؤهلين علميًا ودعويًا، للالتحاق بسلك الأوقاف، والمساهمة في بناء الوعي، وحماية النسيج الوطني، وهي مسابقات يشهد لها الجميع بالجدية والانضباط، حيث تُدار بإشراف مباشر من الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة، وتُعلن نتائجها وفق معايير محددة مسبقًا، دون تدخل بشري أو وساطة.
كما تعمل الوزارة على معالجة العجز النوعي من خلال تنظيم حركة تنقلات داخلية سنوية، تعيد توزيع الأئمة بما يوازن بين الحاجة وراحة الإمام، حتى لو كان ذلك على حساب توفر بعض الدروس أو الخطب في بعض المحافظات، لأن العامل الإنساني له الأولوية، والهدف في النهاية هو بناء استقرار وظيفي واجتماعي للأئمة والعاملين.
ولم تتوقف جهود الوزارة عند الجانب التنظيمي فحسب، بل امتدت إلى تحسين الصورة الكلية للعمل في المساجد، سواء من خلال دعم خطباء المكافأة بما يتيسر من الموارد، أو بالتوسع في التعاقدات عند توفر الاعتمادات، وهو ما يعكس بوضوح أن الوزارة تتعامل مع هذا الملف ليس بمنطق الأرقام فقط، بل بروح المسئولية، وإدراك عمق الرسالة التي يحملها الإمام والعامل، في توجيه المجتمع وصيانة القيم.
وبناءً عليه، فإن الحديث عن إعلان مسابقة جديدة هو أمر مرهون بتوفر الدرجات المالية من جهة، وتنسيق الجهود بين الجهات المختصة من جهة أخرى، وهو ما تعمل الوزارة عليه بكل جد واجتهاد.
• ماهي أبرز قضية يأخذها وزير الأوقاف على عاتقه على المستوى الدعوي طوال عمله على رأس الوزارة .. وماذا تحتاجون لتحقيق ذلك؟
القضايا منضوية تحت أربعة محاور تمثل في مجموعها استراتيجية الوزارة، ألا وهي مكافحة التطرف الديني بكل صوره وأشكاله، ومكافحة التطرف اللاديني بكل تمثلاته في اهتزاز الإيمان والقيم المجتمعية، ثم بناء الإنسان، ثم صناعة الحضارة.
• تعلمنا أن لكل دعوة حق منتقدين ومثبطين على طول الخط .. كيف تتعامل وزارة الأوقاف مع المنتقدين لها أو مع من يقلل من دورها المحوري البارز؟
لكل إنسان أن يبدي رأيه، شريطة أن يكون مستندًا إلى إحاطة وافية بتفاصيل القضية التي يتصدى لها ويتحدث عنها، وأن يكون لكلامه حظ من الوجاهة الفكرية والعلمية والنقدية. فالشاعر يقول: وليس كل رأي جاء معتبر – إلا رأي له حظ من النظر!
ورحم الله رجلاً أهدى إلينا عيوبنا، فكل من لفت انتباهنا أو قدم نصحًا سديدًا أجزلنا له الشكر.
• فضيلتكم مثلتم مصر خير تمثيل بحضوركم عزاء بابا الفاتيكان .. كيف تعلقون على هذا الحدث؟
هذا تكليف وتشريف من فخامة رئيس الجمهورية، وما أرقى وأعظم أن يكون الإنسان ممثلاً رسميًا لوطنه في أحداث دولية. والدولة المصرية حريصة على مد جسور التعاون والتفاهم والتآخي مع كل محب للسلام في العالم، وقد كان البابا فرانسيس قائدًا روحيًا دينيًا عظيمًا، وجمعتني به صداقة بعد تعارف جميل خرج به عن المألوف معي، فصارت بيننا علاقة قوية. وقد كان له دور قوي في الدعوة إلى السلام، وشجب العدوان، والحث على حسن التعايش.
• أخيرا .. متى يستطيع وزير الأوقاف أن يقف أمام العالم كله ويقول بمنتهى القوة والثقة "هنا أدت الوزارة رسالتها"؟
ليس للرسالة – أية رسالة – نهاية، بل العمل والسعي مطلوب من كل إنسان من المهد إلى اللحد. لكن إحداث طفرة حقيقية في أداء الوزارة وهيئة الأوقاف ومستشفى الدعاة وكل ما يتبع الوزارة إنما يتطلب جهدًا جهيدًا وعملا مستمرًا. غير أن تحقيق المستهدفات بنسب علمية معيارية يولد حالة من الاطمئنان إلى حسن أداء الرسالة وقيام المؤسسة بواجبها، وهذا ما نسعى إليه، ونحتسب ثواب ذلك عند الله – أداءً للأمانة وصونًا للوطن وإكرامًا لشعبه.