برزت كازاخستان كدولة رائدة إقليميًا في رقمنة الخدمات المالية، حيث احتلت المرتبة الأولى في رابطة الدول المستقلة من حيث تطوير الحكومة الإلكترونية. وتُمثل المدفوعات غير النقدية الآن 86% من جميع المعاملات، ويستخدم أكثر من 81% من السكان الخدمات المصرفية عبر الهاتف المحمول، أي أعلى بنسبة 11% من مثيلتها في روسيا.

وقد أدى النمو السريع إلى زيادة أربعة أضعاف في الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا المالية على مدى السنوات الخمس الماضية، وفقًا لماريانا دانيلينا، رئيسة الاستراتيجية والبحوث والتحليلات في جمعية التكنولوجيا المالية ومؤلفة مشروع FinTech FinEthics التابع للجمعية.

تُعتمد تقنيات متقدمة، مثل الذكاء الاصطناعي، وسلسلة الكتل، والقياسات الحيوية، والمدفوعات عبر الهاتف المحمول، ورموز الاستجابة السريعة (QR code)، على نطاق واسع في البلاد. وتتعاون البنوك التقليدية بشكل وثيق مع شركات التكنولوجيا المالية الناشئة لبناء أنظمة متكاملة تجمع بين الخدمات المالية وغير المالية، وفقًا لدانيلينا. 

وأشارت إلى أن كازاخستان تضاهي روسيا في العديد من مجالات الرقمنة، بل وتتفوق عليها في بعضها. في عام 2024، ستصل نسبة المدفوعات غير النقدية إلى 86% من إجمالي المعاملات في كازاخستان، مقارنةً بـ 87% في روسيا. ويحمل الكازاخستاني المتوسط أربع بطاقات مصرفية، مقارنةً بثلاث بطاقات في روسيا، ويبلغ معدل استخدام الخدمات المصرفية عبر الهاتف المحمول 82%، مقارنةً بـ 70% في روسيا. ومع ذلك، تتصدر روسيا في اعتماد رمز الاستجابة السريعة، حيث يستخدم 33% من السكان هذه التقنية، مقارنةً بـ 24% في كازاخستان.

يشهد قطاع المدفوعات الرقمية والتجارة الإلكترونية نموًا متسارعًا، مدفوعًا بدعم حكومي قوي، وتزايد الطلب، ولوائح تنظيمية مواتية. وتعتمد الدولة نموذجًا إشرافيًا ثنائي المستوى على قطاع التكنولوجيا المالية. إذ يتولى البنك الوطني إدارة السياسة النقدية وأنظمة الدفع الأساسية، بينما تُركز هيئة تنظيم وتطوير السوق المالية على المنافسة وحماية المستهلك.

منذ عام ٢٠١٨، أطلقت كازاخستان بيئةً تجريبيةً تنظيميةً تُمكّن الشركات من اختبار المنتجات المالية دون مخالفة القوانين. كما اعتمدت مفهومًا لتطوير التقنيات والابتكارات المالية بهدف تهيئة بيئةٍ داعمةٍ للابتكار، وتحفيز التعاون السوقي، وبناء بنيةٍ تحتيةٍ داعمة.

وأكدت دانيلينا أن كازاخستان تعد من بين أسرع الأسواق نمواً في مجال الخدمات المالية الرقمية على مستوى العالم. 

النتائج مبهرة. فتح حساب مصرفي عبر الإنترنت لا يستغرق سوى أقل من ثلاث دقائق، والموافقة على القروض لا تستغرق سوى دقيقتين، والتحويلات المالية الدولية تُعالَج في أقل من ساعة. حوالي 78% من جميع المدفوعات والتحويلات تتم عبر Kaspi.kz وHalyk Bank، أكبر بنكين تجاريين في البلاد، على حد قولها.

في عام ٢٠٢٣، أطلقت كازاخستان مشروعي Open API وOpen Banking، اللذين يعالجان أكثر من ٣٢٠ ألف طلب و١٩٢٠ اختبارًا آليًا يوميًا. وبحلول عام ٢٠٢٥، ستتوسع هذه المشاريع لتشمل تكاملات الشركات وسيناريوهات تحويل أموال جديدة، مع توقع التنفيذ الكامل لواجهات برمجة تطبيقات المنتجات بحلول عام ٢٠٢٦.

تُجري الدولة أيضًا مشروعًا تجريبيًا للتنغي الرقمي ، وتُطوّر ترميز الأصول، وتُطوّر قطاع البلوك تشين. كما أنها تتبنى الذكاء الاصطناعي، مُعتمدةً مفهومًا لتطوير الذكاء الاصطناعي للفترة 2024-2029، وتُنشئ أول نموذج لغة وطنية مفتوح المصدر، IrbisGPT، وتُطوّر نموذجًا لغويًا واسع النطاق يُسمى KazLLM . يستخدم أكثر من 30% من المشاركين في السوق المالية، وخاصة البنوك، أدوات الذكاء الاصطناعي. كما تنتشر تقنيات القياسات الحيوية، لا سيما لتحسين الخدمات العامة الرقمية.

قالت دانيلينا: "إن معدلات الرقمنة العالية والدعم الحكومي القوي يجعلان سوق التكنولوجيا المالية في كازاخستان جذابًا للغاية للمستثمرين. على مدار السنوات الخمس الماضية، تضاعف عدد شركات التكنولوجيا المالية الناشئة أربع مرات. وتشمل مجالات النمو الرئيسية الأصول المشفرة، والتحقق الإلكتروني من هوية العميل (eKYC)، ومكافحة غسل الأموال، والإقراض الرقمي، وحلول مكافحة الاحتيال. وتمثل التكنولوجيا المالية الآن 40% من إجمالي استثمارات المشاريع في البلاد".