الجارديان البريطانية: عنصرية ناعمة برائحة استعمارية قديمة؟
الثلاثاء 22/أبريل/2025 - 11:26 م
في زمن تحوّلت فيه الصحافة إلى أحد أقوى أدوات "القوة الناعمة"، لم تعد الصحف العالمية الكبرى مثل الجارديان البريطانية تكتفي بعرض الأخبار أو التحليل، بل أصبحت فاعلًا سياسياً وثقافياً يسعى لتشكيل الرأي العام الدولي، والتأثير في الداخل الوطني للدول المستقلة، وعلى رأسها الدولة المصرية، تتبنّى الجارديان ظاهراً خطاب الدفاع عن حقوق الإنسان، لكنها في الواقع تتعامل مع الشأن المصري بمنهجية انتقائية ومتحاملة، وتكرّس صفحاتها لتضخيم أي سلبيات أو تحديات تواجه الدولة المصرية، متجاهلة الإنجازات الواضحة في مجالات التنمية، والبنية التحتية، والإصلاح الاقتصادي، هذا النمط الإعلامي ليس مجرد انحياز، بل هو جزء من سياسة إعلامية منظمة تهدف إلى خلق حالة من زعزعة الاستقرار داخل مصر، سواء على مستوى الصورة الدولية أو الثقة الداخلية، عن طريق خطاب مغلف بالليبرالية، ومضمون يستهدف الدولة المصرية وإنجازاتها.
واللافت في خطاب الجارديان هو الازدواجية الصارخة في المعايير؛ ما يُعد "أمناً قومياً" في بريطانيا، يُوصَف بـ"القمع" في مصر، وما يُبرَّر هناك بدواعي "الضرورات الاقتصادية"، يُهاجم هنا بوصفه "فشلًا إداريًا"، هذه المعايير المزدوجة لا تعبّر عن حرية صحافة، بل عن رغبة مستترة في إضعاف القرار الوطني المصري وعرقلة مسيرته المستقلة، وهذا ما تتبعة من ازدواجية المعايير، عندما يصبح النقد أداة ضغط، بالإضافة لمصادرها المختارة بعناية لتخدم سردية واحدة، لا تخفى على أحد الانتقائية المتعمدة في اختيار المصادر لدى الجارديان؛ حيث تعتمد على شخصيات ومنظمات معروفة بتوجهاتها العدائية تجاه النظام المصري. وبدلًا من الاستماع إلى الصوت الحقيقي للشعب المصري، تُروّج لرواية تخدم أجندات خارجية، وتُقدَّم على أنها "وجهة نظر محايدة".
وهنا نطرح سؤالاً وهو...
لماذا تستهدف الجارديان الدولة المصرية تحديداً؟
أن التركيز الإعلامي المكثف على مصر ليس محض صدفة، بل يأتي كلما حققت الدولة المصرية إنجازاً على الأرض أو خطت خطوة نحو الاستقلال في القرار السياسي والاقتصادي، هذا التوقيت لا يمكن فصله عن محاولات قوى غربية عرقلة صعود الدور الإقليمي لمصر، وحرمانها من أن تصبح نموذجاً للاستقرار وسط منطقة تموج بالصراعات، وما تمارسه الجارديان يمكن وصفه بـ"العنصرية الناعمة"، حيث تنظر إلى الدول غير الغربية من زاوية استعلائية، تتجاهل خصوصيتها الثقافية والتاريخية، فبدلاً من فهم الواقع المصري وتطوره، تسعى الجارديان لفرض نمط غربي من الأحكام الجاهزة، ما يعيد للأذهان ذهنية استعمارية مغلّفة بمصطلحات حداثية، من خلال نهجها واستخدام عنصرية ناعمة برائحة استعمارية قديمة.
وفي ظل هذا الواقع الإعلامي المتشابك، تقع مسؤولية كبرى على الإعلام الوطني في التصدي لهذه الحملات الممنهجة، وتعزيز سردية الدولة المصرية، التي تبني وتُصلح وتحمي في آنٍ واحد. مواجهة القوة الناعمة لا تكون بالشكوى، بل بإعلام ذكي، واحترافي، قادر على تفكيك خطاب التشويه، وبناء الثقة في الداخل، وتقديم الحقيقة للعالم بكيف استطاعت الدولة المصرية بقياداتها وشعبها ومؤسساتها ومختلف أطياف المجتمع المدني منذ عام 2014 أن تُعيد بناء بنيتها التحتية، وتطلق أكبر مشاريع التنمية في تاريخها الحديث استعادت مصر مكانتها الإقليمية، وحققت استقراراً أمنياً واقتصادياً وسياسياً وتكنولوجياً وثقافياً وشراكات دولية وإقليمية بعد سنوات من الفوضى، هذه الإنجازات تُثبت أن الوطن لا يُبنى بالشعارات، بل بالإرادة والإنجاز على أرض الواقع وهذا ما ترفض تصديقه الجارديان البريطانية